تابعنا

طرابلس ثاني أسوأ مدينة للسكن في العالم لسنة 2017

هذه التدوينة منقولة من مدونة معاذ الشريفي

ياله من تقرير مؤسف، يندى له جبين أي شخص يحمل في قلبه مثقال ذرة من الحب لمدينة طرابلس الغرب، عاصمة ليبيا
لم يسرني على الإطلاق مطالعة هذا التقريرالذي صنف عواصم العالم من اﻷفضل للسكنى حتى اﻷدنى لتحل طرابلس الغرب (تمييزًا 
لها عن طرابلس عاصمة لبنان) ما قبل الأخير متفوقة بمركز واحد على دمشق حاضرة العلم والثقافة التي تربعت على ذيل القائمة.

 رغم معرفتي يقينًا بأنه صحيح كأحد سكانها والمقيمين بها، بل إن الصدمة بالنسبة لي كانت أن طرابلس ليست أسوأ مدينة للسكن في العالم وأن هنالك مدينة في مكان ما من العالم تتفوق على طرابلس في اﻷوضاع المعيشية المتردية، وبما أنها دمشق فالجرح جرحان والنكبة نكبتان، فكلا البلدين بلد مسلم وعربي ونشعر بألم فقدهما كما فقدنا فلسطين والعراق وجنوب السودان، والحبل على الجرار.
يمثل هذا التقرير إنهيارًا من مستوى العام الماضي (المنهار أساسًا) حيث كانت طرابلس تحتل المركز الأربعين من ذيل القائمة،  أما هذه السنة فكانت الكارثة!

في البداية نجيب على سؤال: ما هو هذا التقرير بالضبط؟


هذا التقرير يصدر كل سنة عن منظمة المعلومات الإقتصادية التي تقع في لندن (مصدر)، ويسجل مستوى جودة الحياة المدنية حول العالم من عدة معايير مثل: (مصدر) ويقيم جودة الحياة في 140 مدينة حول العالم، هذه المعايير الخمس الرئيسية هي:

  • اﻷمن والسلامة
  • التعليم
  • الرعاية الصحية
  • الثقافة والبيئة
  • البنية التحتية
وتنقسم هذه المعايير إلى اكثر من 30 معيارًا للقياس. وكلنا نعرف كم إنهارت هذه المعايير الضرورية للحياة في ليبيا وتستمر بالإنزلاق ودون الحاجة إلى مقياس!

أوجه للحياة في طرابلس المنكوبة

  • طرابلس التي كانت مدينة قبل أن تكون المدن، وحاضرة قبل أن تكون الحواضر، كل زاوية منها وكل ركن يشع بالثقافة والتراث وعبق التاريخ، وتشهد لها بين مدن العالم بالعراقة والأصالة، أصبحت سجنًا مفتوحًا لسكانها (الذين يفوق عددهم المليون ونصف بأقل تقدير) والكثيرون منهم لا يجدون جواز سفر يدخلهم حتى إلى الشقيقة تونس لتلقي العلاج، خاصة بعد إنهيار المنظومة الصحية في ليبيا وإعلان حالة الطوارئ من بعثة اﻷمم المتحدة، إن كانت هنالك أذن صاغية.
  • طرابلس عاصمة بلد نفطي غني بالثروات تقطع الكهرباء على سكانها لساعات طويلة دون رحمة أو شفقة (مع أن المدن المجاورة لا تقطع عنها الكهرباء مطلقًا) لتعيدها لعصور الظلام قبل أن يسرق أديسون إختراع لمبة التنجسيتن.
  • سكانها لا يقدرون على سحب مرتباتهم من المصارف، البلاد قذرة ومزدحمة ولم يبنى فيها مشروع منذ خمس سنين عجاف، طرقها محطمة ومليئة بالحفر والمطبات العشوائية والقمامة تتناثر على جوانبها.
  • عاصمة حرمت اﻷمن واﻷمان والطمأنينة، كل يوم تحدث فيها حوادث السلب والنهب والسرقة بالإكراه والخطف والقتل، وسط تخاذل من سكانها وتجاهل حكامها أيا كانوا، ففي ظل الإنقسام السياسي والفوضى لا يعرف أحد من يحكم اليوم في ليبيا.
  • تتجول فيها العصابات جهارًا نهارًا دون خوف من العباد ولا خالقهم ودون وجود أي تواجد للشرطة أو أي جهاز أمني يحمي المواطن ويصون حقوقه، بل على العكس.
  • الغلاء سمة كل البضائع وكل الخدمات بحجة الدولار، وتضاعفت اﻷسعار عدة مرات مقارنة بأعوام قليلة خلت، مع نقص السيولة كما أسلفنا.
  • تنام وتصحو على أزيز الرصاص وهدير المولدات وضجيجها الذي يصم الاذان ويخنق تلوثها اﻷنفاس.
وهذه فقط الأفكار التي فكرت بها، تحدثت من وجهة نظري ونسيت معاناة النازحين والمهاجرين غير الشرعيين، والناس الذين قذف بهم التغيير السياسي والإقتصادي تحت خط الفقر والذين لا يجدون قوت يومهم ودواء مرضهم.

 طرابلس الجريحة

طرابلس بدلَا من أن تكون وجه ليبيا وعنوان نهضتها وحضارتها صارت سلة قمامة ليبيا ومكب نفاياتها، مالذي تبقى من هذه المدينة المسكينة غير الركام ومن سيتبقى بعد أن ينجلي غبار هذه المأساة؟

هذه المدينة التي أوت الملايين من الليبيين والعرب واﻷجانب تجد نفسها وحيدة يوم مرضها وعجزها بعد أن تخلى عنها الكل وأدارو لها ظهورهم، وبعد أن دمر ما تبقى منها، هي تطلب منكم أن تقفو بجوارها في محنتها وحتى يقضي الله أمرًا.

علاقتنا بهذه المدينة كعلاقة الأم بأبنائها، قد تغضب عليهم وتنزل عليهم سخطها، ولكنها تعود لتحتضنهم وتقبلهم وتستقبلهم باﻷحضان، وهم يدركون أنه رغم كل عيوبها وزلاتها وقصورها، أنه ليس لهم غيرها..

طرابلس قبل التغيير (2010)


 لنكون عادلين بشكل كامل فإن طرابلس لم تكن تحتل المراتب العشر اﻷولى قبل التغيير السياسي ثم إنهارت بشكل كلي لتصل إلى ذيل الترتيب هذه السنة، ﻻهذا لا جدال فيه!
الواقع أن تقييم طرابلس تدنى وإستمر بالإنحدار من مستواه في سنة 2010 حتى وصل إلى أدنى مرتبة في هذه السنة، المخطط يوضح مستوى المعيشة في طرابلس في سنة 2010 ويقارنها بسنة 2015 حيث 100 نقطة تعادل ظروفًا معيشية مثالية، طرابلس كانت فوق الستين بقليل، وإنخفضت حتى اﻷربعين في سنة 2015، ووصلت الصفر في هذه السنة، وحسبنا الله ونعم الوكيل.



صورة للتقييم من سنة 2016 يمكن من خلالها تتبع مستوى مدينة طرابلس المعيشي من ذيل القائمة.

طرابلس لم تكن جنة الله على الأرض، كان بها مشاكلها الخاصة وزحامها والكثير من الأمور التي إستخدمت حجة لقلب نظام الحكم، هذا الترتيب المتدني نسبيا وتلك الظروف والمشاكل صارت حلمًا بعيد المنال لسكان طرابلس المنكوبة.

تحديث مؤسف:الشواطئ ملوثة بمياه الصرف الصحي!

أعلن مجلس طرابلس البلدي في بيان نشرته وكالة اﻷنباء الليبية وال أن شواطئ مدينة طرابلس ملوثة بمياه الصرف الصحي وأنها غير صالحة للسباحة ولا لإقامة محطات التحلية أو صيد السمك، ووجود أنواع متنوعة من الملوثات البكتيرية والفيروسية والطفيلية والعضوية (ما شاء الله!!) والتي أثبتت وجودها تحاليل أجريت على أنواع مختلفة من اﻷسماك والثلج المستخدم في حفظ اﻷسماك، وأن ذلك سيستمر حتى تفعل وحدات معالجة مياه الصرف الصحي بكامل طاقتها قبل تصريفها في البحر (مصدر)

شخصيًا لم أعلم أن هنالك مجلسًا بلديًا لطرابلس قبل قراءة هذا الخبر!!
طرابلس، فبراير 2011
أختم تدوينتي بصورة لطرابلس إلتقطها وافد من غانا في شهر فبراير 2011 قبل أن يعود إلى غانا ويترك طرابلس إلى غير رجعة.

لا تنس مشاركة هذه التدوينة مع أصدقائك كي تصل لأكبر جمهور ممكن، وهذا رابط التقرير باللغة الإنجليزية لمن أراد الإستزادة منه ومعرفة المدن التي إحتلت رأس القائمة كأفضل مدن للسكن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق